وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو - (Photo by AUGUSTIN PASQUINI/Hans Lucas/AFP via Getty Images)
أضرت بمصالح باريس الاقتصادية والأمنية في مستعمرتها السابقة.
شهدت العلاقات بين باريس والجزائر تعقيدات على مدى عقود، لكنها تدهورت في يوليو تموز الماضي عندما أغضب ماكرون الجزائر باعترافه بخطة للحكم الذاتي لمنطقة الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية.
ويقول مسؤولون فرنسيون إن تدهور العلاقات له تداعيات أمنية واقتصادية واجتماعية جسيمة، فالتبادل التجاري كبير ونحو عشرة بالمئة من سكان فرنسا البالغ عددهم 68 مليون نسمة تربطهم صلات بالجزائر.
وقال بارو في بيان بالقصر الرئاسي بالجزائر العاصمة "نعيد اليوم تفعيل جميع آليات التعاون في جميع القطاعات. نعود إلى الوضع الطبيعي، ونكرر قول الرئيس تبون 'رفع الستار'".
تأتي زيارة الوزير الفرنسي بعد اتصال هاتفي بين الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره الجزائري تبون في 31 مارس آذار، اتفقا خلاله على خارطة طريق شاملة لتهدئة أوجه التوتر بين الجانبين.
ويقول مسؤولون فرنسيون إن الجزائر وضعت عراقيل أمام التراخيص الإدارية والتمويل الجديد للشركات الفرنسية العاملة في البلاد. وتجلى هذا التأثير في واردات القمح. يقول متعاملون إن الخلاف الدبلوماسي دفع الديوان الجزائري المهني للحبوب إلى استبعاد القمح والشركات الفرنسية ضمنيا من مناقصاته الخاصة بالاستيراد منذ أكتوبر تشرين الأول. وأكد الديوان الجزائري أنه يعامل جميع الموردين بإنصاف، ويطبق الشروط الفنية.
ولم تشحن فرنسا سوى سفينة قمح واحدة إلى الجزائر في موسم 2025/2024، وهي شحنة واحدة وزنها 30 ألف طن من القمح في يوليو تموز. ويتعارض هذا مع ملايين الأطنان سنويا في السنوات القليلة الماضية.
وقال تاجر حبوب فرنسي عن زيارة بارو "الناس يتحدثون عنها، لكنهم ينتظرون رؤية نتائج على أرض الواقع". وأضاف "بالتأكيد نحتاج إلى مشتر آخر لقمحنا".
وقال بارو إنه أثار تحديدا الصعوبات المتعلقة بالتبادلات الاقتصادية، لا سيما في قطاعات الأعمال الزراعية والسيارات والنقل البحري. وأضاف "أكد لي الرئيس تبون رغبته في منحها قوة دافعة جديدة".
اعتقال كاتب
بعيدا عن العلاقات التجارية، توترت العلاقة أيضا بين فرنسا والجزائر للدرجة التي توقف معها التعاون الأمني بين الجانبين، بما في ذلك التعاون في مجال مكافحة التشدد الإسلامي. وأدى اعتقال الجزائر للكاتب الفرنسي الجزائري الأصل بوعلام صنصال (80 عاما) في نوفمبر تشرين الثاني إلى زيادة العلاقات سوءا.
وحُكم على صنصال بالسجن خمس سنوات. ويقول دبلوماسيون إن باريس تأمل في حصوله على عفو رئاسي. ومع تزايد الضغوط على حكومة ماكرون لتشديد سياسات الهجرة، انعكس هذا الخلاف على السياسات الداخلية في كلا البلدين.
فقد دعا وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو إلى مراجعة اتفاقية عام 1968 التي تُسهل على الجزائريين الاستقرار في فرنسا وذلك بعد أن رفضت الجزائر استعادة مواطنيها الذين صدرت لهم أوامر بمغادرة فرنسا بموجب نظام الترحيل "أو.كيو.تي.إف (التزام بمغادرة الأراضي الفرنسية).
وتأثرت العلاقات بين البلدين بذكريات الحرب التي اندلعت بين عامي 1954 و1962، وأدت إلى استقلال الجزائر عن فرنسا.
وخلال هذه الحرب، قُتل نحو 400 ألف مدني ومقاتل جزائري، بالإضافة إلى نحو 35 ألف فرنسي، وما يصل إلى 30 ألف مسلم "حركي" كانوا يقاتلون في الجيش الفرنسي ضد الجزائريين.
وعلى مر السنين، طالب ماكرون بمزيد من الشفافية فيما يتعلق بماضي فرنسا مع الجزائر، لكنه قال أيضا إن "النظام السياسي العسكري" في الجزائر أعاد كتابة تاريخ الحقبة الاستعمارية على أساس "كراهية فرنسا".
وقال جلال حرشاوي، الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "اعترف الرئيس ماكرون بالطابع المغربي للصحراء الغربية وهي خطوة تعتبرها الجزائر خيانة. وفي ظل غياب أي مؤشر على أن ماكرون سيتراجع عن هذا القرار، لن يقدم الجزائريون تسهيلات للشركات الفرنسية للقيام بأعمال تجارية جديدة في بلادهم".