توفير السكن الملائم للأولاد.. المشكلة والعلاج
السؤال : هل يجب شرعًا على الوالدين توفير بيئة مناسبة من حيث الهدوء والخصوصية إذا وصل الأمر إلى التأثير على الصحة النفسية والجسدية للأبناء؟
تصوير shisu_ka -shutterstock
أنا طالبة في كلية الطب، أعيش مع والديّ وإخوتي (أربعة إخوة) في بيت صغير مكوَّن من غرفتين فقط، أشارك إحداهما مع إخوتي. وهذا الوضع يسبّب لي معاناة شديدة؛ إذ أعاني من ضغط نفسي دائم بسبب انعدام الخصوصية والهدوء، مما أثّر على دراستي بشكل كبير، بل تعدّى ذلك إلى ظهور أعراض جسدية شديدة استدعت مراجعة الأطباء وتناول أدوية. ولا أحتاج هذا الهدوء فقط للدراسة، بل حتى لحياتي اليومية من قراءة، وراحة، ونوم جيد. مع العلم أنني لا أستطيع السكن في سكن جامعي؛ لأن والديّ منَعاني من ذلك. ورغم علمهما بضيق السكن وعدم كفايته، اختارا أن يُنجبا عددًا أكبر من قدرة المكان، ونحن -الأبناء- من يدفع الثمن. بل إن إخوتي أيضًا يعانون من هذا الوضع.
الإجابة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن السكن الملائم الذي جرى به العرف من ضمن النفقة الواجبة على الوالد تجاه أولاده، ولكن ذلك مقيد بالاستطاعة والقدرة؛ فقد قال الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق: 7] .
وعليه؛ فإن كان والدك قادرًا على توفير مسكن ملائم يحفظ لكل منكم خصوصيته، ويوفر لكم بيئة نفسية هادئة، فيلزمه ذلك؛ لأنه داخل في الوسع، ويزداد الأمر تأكيد وقوع الضرر عليكم في المسكن الحالي. وقد تقرر في الشريعة أن الضرر يزال، وفي الحديث الذي رواه أحمد، وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ضرر ولا ضرار. وفي الحديث: كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت.
أمّا إذا كان عاجزًا عن ذلك، فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وعليكم بالبحث عن السبل المتاحة لإزالة الضرر الواقع عليكم، كإقناع الوالدين بالسماح بالسكن الجامعي إن كان خاليًا من المحاذير الشرعية، ببيان المعاناة التي تمرين بها، وتأثيرها على صحتك النفسية والجسدية، والوالدان لا يشك في حبهما وحرصهما على صحة أولادهما.
مع الاستعانة بالله تعالى في طلب تحسن الحال، والتحلي بالصبر والرضا، ومما يساعد على ذلك أن ينظر الإنسان إلى حال من هم دونه ممن لا يجدون مأوى بالكلية.
وأمّا التوسع في الإنجاب، فلا يلام الوالدان عليه؛ فهو مما رغب فيه الشرع، وقد يفتح الله بسبب ذلك أبوابًا من الخير والسعة بسببه، فكم من إنسان كان يعاني الضيق والعوز، فتح الله عليه بعدما زاد نسله، وكثرت ذريته. وقد قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 216]. والله أعلم.
من هنا وهناك
-
كيفية تنظيم الوقت ليدرك الإنسان خيري الدنيا والآخرة
-
حكم قيام المصلين للصلاة قبل انتهاء الخطيب من الدعاء
-
هل يجوز بيع ما أهدي من الأضحية بلحم دجاج؟
-
نقل القرآن الكريم بالبريد.. رؤية شرعية أدبية
-
الشيخ مشهور فواز: ظروف الحرب الحالية تستدعي الاقتصاد في المعيشة وعدم الإسراف والاختصار في الأعراس
-
القدر المجزئ في كفارة اليمين
-
حكم الاستفادة من المنحة المقدَّمة من مصرف ربويّ
-
أحكام ضمان العامل لرأس المال، والتزام الإدارة بتحمل الخسارة
-
أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته
-
الشيخ مشهور فوّاز : أدعية تقال للأمان في الحرب
أرسل خبرا