تصوير: تسليل لفين - الصور وصلت لموقع بانيت من المتحدثة بلسان " زافيت "

بالنسبة لمعظم النباتات في العالم، تلعب ألوان الأزهار دورًا رئيسيًا في جذب الملقحات، مثل النحل، الذباب، الخنافس، والفراشات، التي تزور الأزهار للاستمتاع برحيقها، وفي المقابل، تنشر غبار اللقاح من زهرة إلى أخرى، مما يساعد النباتات في عملية التكاثر. لكن هل هذا النظام متناغم تمامًا؟ تشير الأبحاث إلى أن بعض الحشرات لا تكتفي بجمع الرحيق – بل أنها تأكل الأزهار! هذه الظاهرة، التي تُعرف باسم "فلوريبوريا " (Florivory)، تتعلق ببعض الحشرات، مثل يرقات الفراشات والخنافس، التي تتغذى على بتلات الأزهار وأجزائها الأخرى. فهل يمكن أن تكون ألوان الأزهار بمثابة إشارة مزدوجة، تجذب الملقحات وتحاول في الوقت نفسه إبعاد الحشرات التي تتغذى عليها؟

ألوان الزهور: جمال أم آلية للصمود؟
تقول طالبة الدكتوراه نورة صعابنة، التي أجرت بحثها على شقائق النعمان (البرقوق) كجزء من أطروحتها للماجستير في كلية علوم النبات في كلية العلوم الحياتية في جامعة تل أبيب "كنت مهتمة بفحص ما إذا كانت هناك ألوان أكثر جاذبية للحشرات التي تأكل أزهار شقائق النعمان (البرقوق)، وكيف يؤثر ذلك على نجاح أزهار البرقوق في التكاثر". وتضيف بأن ألوان الزهور تؤثر على قدوم الملقحات، ولكن لم يكن واضحًا ما إذا كانت تؤثر أيضًا على آكلي النباتات - وهذا هو بالضبط ما أردت اختباره.

من أجل اختبار تأثير ألوان الزهور على تناولها من قبل الحشرات وغيرها من آكلي النباتات، ذهبت صعابنة إلى الحقل وراقبت مجموعات من البرقوق الشائع (Anemone coronaria). قامت بتوثيق حوادث التهام الزهور والأوراق، وصنّفت المخلوقات التي تأكلها، وفحصت ما إذا كانت هناك علاقة بين لون الزهرة وتكرار حوادث الالتهام.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن أزهار البرقوق الحمراء هي الضحية الرئيسية للحشرات. كانت معظم الأضرار المسجلة بسبب خنافس العفص - وهي الخنافس التي تعتبر ملقحات للزهور. أي أن الخنافس التي تأكل الزهرة هي نفسها التي تنشر حبوب اللقاح الخاصة بها. كانت أزهار البرقوق ذات الألوان الفاتحة، مثل الأبيض والأرجواني، أكثر عرضة للأكل من قبل الحشرات الأخرى، مثل يرقات الفراشات والجراد.

بالإضافة إلى ذلك، بما أن الزهور نفسها ليست وحدها التي تدخل في قائمة طعام الحيوانات آكلة النباتات في الدراسة، بل وحتى الأوراق أيضًا، فقد تم فحص ما إذا كانت هناك علاقة بين لون بتلات البرقوق ومدى تناول الأوراق الخضراء، ولم يتم العثور على علاقة واضحة. ويشير هذا إلى أن آكلي الأوراق لا يربطون بالضرورة بين ألوان الزهور وجودة الأوراق.

لماذا الطبيعة ملونة؟
تثير نتائج الدراسة سؤالاً مثيراً للاهتمام، إذا كانت أزهار البرقوق الحمراء تتضرر أكثر من أكل الزهور، فكيف تظل أكثر شيوعاً من أزهار البرقوق البيضاء والأرجوانية؟ "ومن الممكن أن تقوم الخنافس التي تأكل البرقوقات الحمراء بالتعويض عن ذلك من خلال تلقيحها أيضًا. أي أنه على الرغم من أنها تسبب ضررًا للزهرة، إلا أنها تساعدها أيضًا على نشر حبوب اللقاح والتكاثر"، كما تقول صعابنة.

لاختبار هذا التفسير، تم فحص تأثير التغذية على الكفاءة الإنجابية لأزهار البرقوق. توصلت دراسة أخرى، شملت 68 نوعاً من النباتات، إلى أن الضرر الذي يلحق بالزهور قد يضعف جاذبية الملقحات للنبات وبالتالي يضعف قدرتها التكاثرية. ومع ذلك، أظهرت النتائج في الدراسة التي أجريت على البرقوق أنه حتى بعد أكل الزهرة، كانت البرقوقات قادرة على إنتاج البذور بكميات كافية. وهذا يثير احتمالاً آخر بأن البرقوق نفسه ربما طور آليات للتعامل مع أكلات الزهور، مثل آلية بديلة لجذب الملقحات على الرغم من الضرر الذي يلحق بالبتلات.

إذا كان أحد الألوان يتمتع بميزة واضحة أكثر من الألوان الأخرى، فمن المتوقع أن نرى مجموعة متجانسة، حيث تكون جميع الزهور بنفس اللون. لكن تنوع ألوان البرقوق يشير إلى أن قوى مختلفة تؤثر عليها - بعضها يأتي لمصلحة لون واحد، وبعضها الآخر يضر به. توضح صعابنة أن تنوع الألوان ربما يتم الحفاظ عليه بفضل مجموعة من العوامل التالية:
(1) التوازن بين الملقحات وآكلي النباتات - قد يجذب كل لون أنواعًا مختلفة من الحشرات، بعضها مفيد للنبات، مثل الملقحات، والبعض الآخر ضار، مثل آكلي الزهور.
(2) الانتقاء الطبيعي الذي يختلف باختلاف الزمان والمكان - فاللون الذي "يعمل" بشكل جيد في عام معين أو في منطقة معينة قد يكون أقل نجاحًا في عام آخر وفي أماكن أخرى، بحيث يتم الحفاظ على هذا التنوع.
 (3) التأثيرات البيئية الإضافية - قد تؤثر عوامل مثل نوع التربة، أو توفر المياه، أو الظروف المناخية أيضًا على نجاح الألوان المختلفة.

عالم مضطرب على السطح
إن أزهار البرقوق، التي تظهر لنا على شكل مساحات ملونة خلاّبة في الحقول المزهرة، هي تنمو في الواقع في عالم تنافسي مليء بالتحديات. يمثل كل لون استراتيجية مختلفة للبقاء على قيد الحياة - تركز بعض الاستراتيجيات على جذب الملقحات، في حين تكافح استراتيجيات أخرى لتجنب التهامها. وتكشف الدراسة أن هذا الصراع يشكل عاملاً مهماً في الحفاظ على تنوع الألوان في التجمعات الطبيعية، ويقدم لمحة رائعة عن العلاقات المعقدة بين النباتات والحشرات. وقد تساهم نتائج الدراسة ليس فقط في فهم تطور ألوان الزهور، بل أيضًا في الحفاظ على أنواع النباتات في الطبيعة. وتختتم صعابنة قائلة "إذا تمكنا من فهم كيفية نجاة الزهور مما يهددها، فقد نتمكن من التفكير في طرق للحفاظ على تنوعها البيولوجي في البرية".

تم إعداد المقال من قبل زاڤيت - وكالة الأنباء التابعة للجمعية الإسرائيلية للإيكولوجيا وعلوم البيئة.

panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ