مقال: بدلًا من الهدم – فلنَبْنِ الأمل لأهالي السِّرّ - بقلم: عبد المطلب الأعسم
مرةً أخرى، نستيقظ على صباحٍ يملؤه هدير الجرافات، وتنفيذه العنيف لقوانين الهدم، ومشاهد الدموع التي تنهمر من عيون أهالٍ لا يطلبون إلا حياة كريمة على أرضهم. هذه المرة، المشهد يتكرر في قرية السِّرّ البدوية،
عبد المطلب الأعسم - صورة شخصية
الواقعة بمحاذاة بلدة شقيب السلام، وتحت ظلّ المنطقة الصناعية “عمق سارة” في بئر السبع. أوامر الهدم تُنفّذ بالجملة، وفق سياسة تُفضّل الآلة على التخطيط، والقوة على العدالة، والإقصاء على إيجاد حلول جذرية.
قرية السِّرّ ليست “بؤرة غير قانونية” كما يُحبّ البعض توصيفها، بل هي مجتمع أصيل ومتجذّر، له ارتباط عميق بالأرض، يعيش على ترابها منذ عقود طويلة. ومع ذلك، اختارت الدولة أن تُقيم على أراضيهم منطقة صناعية، دون أي استشارة أو إشراك لأصحاب الأرض الأصليين، في تجاهل صارخ لحقوقهم التاريخية والإنسانية.
الحلّ ليس معقدًا، بل واضح وقابل للتنفيذ فورًا: على الدولة أن تُعدّ خطة إسكان شاملة لأهالي السِّرّ، على أراضيهم، وبالقرب من شقيب السلام، وربما كحيّ معترف به رسميًّا ضمنها. حلٌّ من هذا النوع لا يضرّ أحدًا، ولا يُثقل كاهل الميزانية، ولا يُهدّد التوازن السكاني. بل إنه يُسهم في تصحيح ظلم تاريخي، ويُعيد ثقة المواطنين البدو بمؤسسات الدولة، ويُعزز الشراكة المدنية الحقيقية.
لجنة التخطيط تُصرّ على تجاهل البُعد الأخلاقي، وتتعامى عن الواقع البشري خلف خطوط الخرائط الزرقاء، وكأنّ الأرض خالية من سكانٍ ذوي حق. لكن لا بد من التذكير بأن المجتمع البدوي في النقب ليس خصمًا، بل جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي. وعلى الرغم من التمييز والتهميش، ما زال هذا المجتمع يطمح إلى التطوّر، والاستقرار، وحياة تليق بالكرامة الإنسانية.
في المقابل، تستمر الدولة في سلوكٍ يُشبه قطع “شَعرة معاوية” – ذلك الخيط الرقيق الذي لا يزال يربطها بمواطنيها العرب. وإن مضت على هذا النهج، فإنها تقطع آخر ما تبقّى من الثقة والارتباط.
إنّ أهالي السِّرّ لا يجب أن يعيشوا تحت تهديدٍ دائم بالجرافات، بل يستحقون الاعتراف، والشراكة، وبيتًا فوق أرضٍ معترف بها. لسنا بحاجة إلى نظريات مؤامرة، ولا إلى مشاعر كراهية، بل إلى عدالة حقيقية.
آن الأوان أن تتوقّف الدولة عن سياسة الهدم – وتبدأ في بناء الأمل.
من هنا وهناك
-
‘ حتى نلتقي: أنا خيرٌ منه ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
القوانين الأساسيّة للكون بسيطة.. لكن لا نفهمها لأنّ حواسّنا محدودة!
-
مقال: بعد رفع ترامب بطاقتين صفراء لنتنياهو واحتمال بطاقة حمراء مزلزلة - هل يرد نتنياهو بقلب الطاولة؟ بقلم : د. سهيل دياب
-
الائتلاف الشامل الآن الآن.. بقلم: د. أسامة مصاروة - الطيبة
-
برامج متجددة في ظاهرها، متكرّرة في مضمونها: حين يغيب التجديد عن جهاز التربية والتعليم
-
مقال: ‘سرٌ من أسرار القرآن‘ - بقلم : الشيخ عبد الله إدريس
-
مقال: بين الوعود والوقائع: الدولة الفلسطينية في خطاب الإدارات الأمريكية - بقلم: سليم السعدي
-
مقال: ماذا يتوقع مسيحيو الأرض المقدسة من البابا الجديد؟ بقلم : وديع أبونصار
-
‘ الصبر أم التسامح ‘ – بقلم : رانية مرجية
-
‘ إلى القيادة العربية في الداخل الفلسطيني: من إدارة البقاء إلى صناعة المستقبل ‘ - بقلم : الكاتب الفنان سليم السعدي
أرسل خبرا