بلدان
فئات

15.06.2025

°
22:53
شاب بحالة خطيرة اثر انفجار داخل منزل في بسمة طبعون
22:42
الجبهة: اعتقال نائبة رئيس الجبهة ونشطاء آخرين خلال تظاهرة ضد الحرب في تل أبيب
22:40
الجيش الاسرائيلي : سلاح الجو يستهدف منصات صواريخ أرض-جو في قلب طهران
22:37
وصل لموقع بانيت بيان من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ، جاء فيه : " قامت الشرطة بتفريق عنيف لوقفة احتجاجية صامتة وقانونية ضد الحرب، في تل أبيب، ونفذت اعتقالات سياسية لعدد من بين المتظاه
20:57
تأهب واستعداد لرشقة صاروخية اضافية محتملة بعد قليل
20:47
بلاغ اولي حول اصابة مباشرة بمبنى في الشمال
20:45
صفارات انذار في منطقة المركز
20:40
صفارات انذار في الشمال اثر اطلاق صواريخ من إيران
20:36
بعد قليل: صفارات انذار في شتى أنحاء البلاد
20:09
سلاح الجو يشن سلسلة غارات جديدة في ايران
20:05
المدرب شارون ميمر يعود من جديد للاشراف على تدريبات أبناء سخنين
19:58
نتنياهو يدين احتفال يهود بسقوط صاروخ على طمرة: ‘أرفض ذلك باشمئزاز .. الصاروخ لا يفرّق ويصيب اليهود والعرب على حد سواء‘
19:34
مسؤولان أمريكيان: ترامب عارض خطة إسرائيلية لاغتيال خامنئي
19:25
بث مباشر | ‘هذا اليوم‘: إسرائيل وإيران تتبادلان هجمات مدمرة، الحكومة تصادق على تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى 30/6
19:11
الشرطة و ‘الشاباك‘: اعتقال مواطنَين يهوديين بشبهة تنفيذ مهام لصالح الإيرانيين خلال الأيام الأخيرة
18:10
الشرطة: لا يوجد مفقودين في طمرة
18:06
تيل ينتقل إلى توتنهام بشكل دائم بعد إعارته من بايرن ميونيخ
17:57
مصادر فلسطينية: 37 شهيدا بنيران الجيش الإسرائيلي في غزة منذ فجر اليوم
16:21
الحكومة تصادق على تمديد حالة الطوارئ حتى 30/6
16:18
صفارات في أم الفحم، ميسر، عارة، برطعة، البقيعة وبلدات أخرى
أسعار العملات
دينار اردني 5.08
جنيه مصري 0.07
ج. استرليني 4.88
فرنك سويسري 4.43
كيتر سويدي 0.38
يورو 4.15
ليرة تركية 0.11
ريال سعودي 0.98
كيتر نرويجي 0.36
كيتر دنماركي 0.56
دولار كندي 2.64
10 ليرات لبنانية 0
100 ين ياباني 2.5
دولار امريكي 3.6
درهم اماراتي / شيكل 1
ملاحظة: سعر العملة بالشيقل -
اخر تحديث 2025-06-15
اسعار العملات - البنك التجاري الفلسطيني
دولار أمريكي / شيكل 3.64
دينار أردني / شيكل 5.15
دولار أمريكي / دينار أردني 0.71
يورو / شيكل 4.21
دولار أمريكي / يورو 1.1
جنيه إسترليني / دولار أمريكي 1.31
فرنك سويسري / شيكل 4.48
دولار أمريكي / فرنك سويسري 0.83
اخر تحديث 2025-06-15
زوايا الموقع
أبراج
أخبار محلية
بانيت توعية
اقتصاد
سيارات
تكنولوجيا
قناة هلا
فن
كوكتيل
شوبينج
وفيات
مفقودات
مقالات
حالة الطقس

مقال: من يفهم الحقيقة لا يُصاب بخيبة أمل! بقلم : المحامي زكي كمال

بقلم: المحامي زكي كمال
13-06-2025 07:26:20 اخر تحديث: 15-06-2025 08:28:00

أقلّ من أسبوع على موعد انطلاق المؤتمر الذي دعت إليه فرنسا عبر رئيسها عمانوئيل ماكرون بعنوان: "التسوية السلميّة للقضيّة الفلسطينيّة وتطبيق حلّ الدولتين" والمُقرّر عقده في الأمم المتحدة،

المحامي زكي كمال

والذي يتزامن بعد ثلث قرنٍ (ثلاثة وثلاثين عامًا وثمانية أشهر بالتحديد) من المؤتمر الدوليّ الأخير الذي سبقه، والمتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة وأقصد مؤتمر مدريد الذي دارت أعماله بين الثلاثين من أكتوبر والأوّل من تشرين الثاني نوفمبر عام 1991، ما زالت أسئلة كثيرة تنتظر الردّ، حتى قال البعض إن الدعوة إليه أشبه ما تكون بالجبنة السويسريّة، ثقوبها أكثر من مساحاتها المغطاة، وهي أسئلة ليست عرضيّة، أو سطحيّة، بل إنها تتمحور حول الحقيقة القاضية أن بعض القيادات في العالم وبعض الدول ومنها فرنسا بزعيمها الحاليّ، لم تتعلّم من عبر التاريخ ولم تستوعب قول كارل ماركس إن "التاريخ يعيد نفسه، في المرّة الأولى كمأساة، وفى المرّة الثانية كمهزلة".

كما لم تستوعب ذلك القول الشهير للعبقريّ ألبرت أينشتاين، من أن " الغباء هو فعل نفس الشيء مرّتين بنفس الأسلوب، ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة" وأقصد هنا الإصرار على عقد مؤتمر دوليّ للسلام لحلّ القضيّة الفلسطينيّة، في ظلّ الظروف العالميّة الحاليّة، والتي تختلف بأمور كثيرة عمّا كان الحال عليه عشية مدريد، منها أن العالم يفتقد اليوم واحدًا من المقوّمات الأساسيّة التي جعلت مؤتمر مدريد، يبشّر خيرًا قبل انعقاده، وأقصد ثنائيّة قيادة العالم، من قبل الاتحاد السوفييتي حينها والولايات المتحدة التي أرادت حينها السلام بحقّ وحقيقة، وجميعنا يتذكّر الرسالة التي تركها جيمس بيكر وزير خارجيّة أمريكا للقيادة الإسرائيليّة برئاسة رئيس الوزراء إسحق شمير قائلًا: "إذا أردتم السلام اتّصلوا بي وهذا رقم هاتفي" مضيفًا أن على إسرائيل التخلّي عن أحلام أرض إسرائيل الكبرى، مقابل الوضع الحاليّ اليوم الذي تجد أمريكا ترامب نفسها اليوم متماهية بالتمام والكمال مع موقف إسرائيل خاصّة بعد إعلان رئيسها أن نهاية الحرب في غزة يجب أن تتم بعد هزيمة "حماس" وإيجاد إدارة جديدة لقطاع غزة، دون ذكر السلطة الفلسطينيّة، وبعد أن أيّدت إدارة ترامب ضمّ الضفة الغربيّة وغور الأردن إلى إسرائيل، دون أن ينفذ ذلك بسبب اتفاقيّات ابراهام التي بادرت إليها إدارة ترامب كتعويض لإسرائيل، خاصّة وأنه سبقها في أيلول 2018 قيام نفس الإدارة بإغلاق مكتب منظّمة التحرير في واشنطن ونقل السفارة الأمريكيّة الى القدس، بمعنى إخراج السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة من الصورة نهائيًّا والاعتراف بتوحيد القدس تحت السيادة الإسرائيليّة، وإغلاق القنصليّة الأمريكيّة في شرقي القدس، والاعتراف بضمّ الجولان، وبأنه جزء من إسرائيل، إضافة إلى عامل هامّ للغاية هو عدم مشاركة إسرائيل في هذا المؤتمر بعكس المؤتمر السابق الذي شاركت فيه مسيَّرةً غير مخَّيَرة، بل موقفها الرافض لما سبقه من إعلان لفرنسا ودول أوروبيّة أخرى منها إسبانيا وغيرها استعدادها للاعتراف بدولة فلسطينيّة، معتبرة ذلك جائزة للإرهاب وحركة "حماس" على حدّ تعبيرها.

"اللي بيعد العُصي مش مثل اللي بوكلها"
وإذا كان بإمكان الدول الأوروبيّة، كما فعلت دائمًا، أن تكرّر، بكل ما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، نفس الشعارات والاقتراحات والتصريحات التي تكون شديدةً قولًا وعاجزةً فعلًا، أي أن لا تتعلّم الدرس عملًا بالمثل العامّ القائل: "اللي بيعد العُصي مش مثل اللي بوكلها"، فهي في دار سلام سواء تمّ حلّ القضية الفلسطينيّة، أم لم يتمّ، خاصّة في ظلّ التوجهات الجديدة التي تتّسم فيها بالانطواء والانزواء، وسط تزايد قوة اليمين المتطرّف المناوئ للفلسطينيّين والعرب والمهاجرين، وإذا كان من حقّها أن تبادر إلى خطوات ما وأن تتحمّس لها، رغم ثقتها المسبقة أنها لن تأتي بنتائج ملموسة، أو لن تسفر إطلاقًا عن نتائج، بل إنها تشكّل تعبيرًا عن حالة آنيّة من التعاطف مع الفلسطينيّين والغضب على إسرائيل بسبب حرب مستمرّة وعشرات آلاف القتلى من المدنيّين في غزة معظمهم من النساء والأطفال ودمار شامل وطائل، فإن من ليس من حقّه ذلك، أو حتى الفرح بذلك، وربما انتظار النتائج الملموسة، وليس فقط تسجيل المواقف وتكرير تجربة ما هو مجَرَّب، هم الفلسطينيّون والعرب الذين انفرجت أساريرهم ترحيبًا بمؤتمر تنادي إليه دول، مع احترامي الشديد لها، فقدت قوّتها على التأثير ومحاولة وقف إسرائيل عند حدّها اليوم، بعد أن كانت دعمتها دون قيد أو شرط في بداية الحرب على غزة، وزوّدتها بالسلاح المتطوّر وتجنّدت معظم وسائل إعلامها تجريمًا لحركة "حماس" وشيطنتها على أفعالها التي يندى لها الجبين في السابع من أكتوبر عام 2023، متناسية القاعدة الفيزيائيّة الأساسيّة القائلة إن دحرجة العجلة، أو كرة الثلج في منحدرٍ ما، أسهل بكثير من محاولة وقفها، وأن الندم هو الإرث الطبيعيّ لكبر السنّ، كقول تشارلز ديكنز، الأصحّ هنا أن الندم هو الإرث الطبيعيّ للقارة العجوز، في الشأن الفلسطينيّ، كما في قضية الحرب في أوكرانيا والعراق (ندم طوني بلير واعترافه بالخطأ) ، وباختصار ما ليس مفهومًا لي هو السرور العربيّ والفلسطينيّ على انعقاد هذا المؤتمر في مؤسسة فقدت قيمتها ونفوذها وبقيت "منظّمة تصريحيّة" دون غير ذلك، نزعت الولايات المتحدة أسنانها تمامًا كما نزعت أسنان مجلس الأمن، وصولًا إلى حالتنا اليوم وملخّصها أن ما سيحدث هو ما تريده الولايات المتحدة، وما يخدم مصالحها، وأن لا قيمة عمليّة لمثل هذا المؤتمر الدوليّ في وقت تمنع فيه إسرائيل وزراء خارجيّة من دول عربيّة من لقاء قيادة السلطة الفلسطينيّة، ويوبخ وزراؤها الرئيس الفرنسيّ ورئيس وزراء بريطانيا كير ستيرمر على مواقفه ويذكرونه، إذا كان قد نسي، أن الانتداب البريطانيّ قد انتهى منذ 77 سنة، ناهيك عن التفاف واضح على مقترحات أمريكيّة لوقف الحرب في غزة، والتجاء إلى الفيتو (حق النقض) الأمريكيّ، لمنع أيّ قرار في مجلس الأمن لوقف الحرب.

واقع ضبابيّ
ليس ذلك فحسب، فأعمال مؤتمر باريس للاعتراف الأوروبيّ بالدولة الفلسطينيّة التي ستتم بمشاركة نحو 400 شخصيّة فلسطينيّة وإسرائيليّة وشخصيّات بارزة في أوروبا والعالم العربيّ والإسلاميّ، ستنطلق وسط واقع ضبابيّ يتعلّق بأمرين ثانيهما من حيث الأهميّة عدم الوضوح التامّ لهويّة الشخصيّات السياسيّة المشاركة فيه باستثناء الرؤساء الأوروبيّين، والحديث المنقول عن الرئيس الفرنسيّ، أن المؤتمر سيكون مؤتمرًا كبيرًا، لدعم الفلسطينيّين، ولتنفيذ المبادرة الفرنسيّة السعوديّة الخاصّة بحلّ الدولتين!! وأوّلهما حالة عدم اليقين، في ظلّ الإشارات المتناقضة، حول مجريات المؤتمر المتوقّعة رغم التصريحات الفرنسيّة أن الاعتراف بالدولة الفلسطينّية ضرورة سياسيّة، دون أن يقول انه سيعترف إضافة إلى شروط منها "إطلاق سراح الرهائن" لدى حماس، ونزع سلاحها وعدم مشاركتها في حكم الدولة الفلسطينيّة وضرورة إدخال إصلاحات على السلطة الفلسطينيّة، وغير ذلك، وإلى ذلك يجب أن نضيف "العامل" العربيّ والفلسطينيّ في هذا السياق، فالسلطة الفلسطينيّة في أضعف حال وأسوأ أحوال. أما الدول العربية، فكلّ منها باستثناء المملكة الأردنيّة الهاشميّة يغني على ليلاه بين تطبيع قد تمّ وتطبيع مستقبليّ منتظر، أو عدم اكتراث بما يحدث، فلا محيط هادر ولا خليج ثائر، ولا أمة عربيّة ولا إسلاميّة، ولا تنسيق بين دولها ولا أيّ نوع من العمل المشترك، أي عدم وجود للعوامل التي راهن الفلسطينيّون عليها - واتضح أن رهانهم خاسر- في السابق من عمق عربيّ ودعم إسلاميّ، ومحاولات للتأثير على الولايات المتحدة صانعة القرار الوحيدة في العالم اليوم..

لا مبرّر للفرح العربيّ والفلسطينيّ بمؤتمر وُلد ميتًا
لست بحاجة لتكون سياسيًّا مخضرمًا كي تدرك أن المؤتمرات الدوليّة، تمامًا كالقمم العربيّة والإسلاميّة، لم تسعف الفلسطينيّين حتى في مدريد التي شارك فيها الفلسطينيّون بوفد فلسطينيّ أردنيّ مشترك، تقاسم رئاسته الدكتوران حيدر عبد الشافي وكامل أبو جابر وزير الخارجيّة الأردنيّ آنذاك، وشاركت فيه دول عربيّة منها سوريا ولبنان (مصر كانت غائبة بفعل مقاطعتها عربيًّا بعد اتفاقيّات كامب ديفيد)، على ضوء تفاوت ما في مواقف الدول العربيّة المشاركة، اعتبره الفلسطينيّون سببًا قد يمسّ بالنتائج المتوقّعة، رغم أن الولايات المتحدة رمت بكلّ ثقلها عبر رئيسها جورج بوش وكذلك الاتحاد السوفييتيّ عبر رئيسه ميخائيل غورباتشوف، وبالتالي كم بالحري اليوم، ونحن نتحدّث عن دول عربيّة لا يجمعها موقف ولا مصلحة مشتركة، بل دول لها موقفها الخاص كدول الخليج ودويلات لا وزن لها خاصّة سوريا ولبنان، وغياب لدور مصر، والدليل على ذلك ما كتبه محمود عباس الرئيس الفلسطينيّ الحاليّ، وآنذاك عضو اللجنة التنفيذيّة ورئيس دائرة العلاقات العربيّة والدوليّة في منظّمة التحرير الفلسطينيّة، في مجلّة الدراسات الفلسطينية في خريف 1991، حين قال عن مؤتمر مدريد، فإن نجاح المؤتمر يعتمد، إلى حدّ كبير، على الأداء العربيّ ومستواه، وعلى الرغبة العربيّة الجماعيّة في التوصّل فعلًا إلى حلّ للمسألة الفلسطينيّة. مضيفًا أنه وعلى ضوء الوضع العربيّ حينها يجب ألا ينظر الفلسطينيّون إلى النتائج بكثير من التفاؤل، لأن آثار وانعكاسات حرب الخليج ما زالت تضرب هذا التضامن. ناهيك بأن الموقف العربيّ في الأساس، وقبل حرب الخليج، لم يكن صحيًّا بشكل كافٍ لمواجهة مسألة من هذا النوع، مؤكّدًا أنه تبيّن وجود انشقاق عربيّ خلال المؤتمر، وأن الدول العربيّة لم تنسّق مواقفها، فظهر الموقف السوريّ وتبعه الموقف اللبنانيّ في اتجاه، وموقف الآخرين في اتجاه مخالف، ما أتاح لإسرائيل فرصة المناورة، وربما يخيّل لها في المستقبل فرصة الإفلات من المؤتمر إفلاتًا نهائيًّا، وخلص إلى القول إن التضامن العربيّ كما ظهر في مدريد، لا يبشّر بالخير، ويجعل الإنسان يتحسّب لأمور أكثر تعقيدًا في المستقبل، فالحلّ المرحليّ المقترح من مرحلتين، يجعل الانفراد العربيّ بحلول فرديّة أمرًا واردًا، ما سيخرج معظم الدول العربيّة من دائرة الصراع، ليبقى في النهاية الشعب الفلسطينيّ وحيدًا في الميدان، أعزل من كلّ الأسلحة المتمثلة في الأصوات الدوليّة والعربيّة الموجودة معه حاليًّا. وهي أقوال اتضح صحّتها خاصّة بعد اتفاقيّات أوسلو المرحليّة التي كانت من جهة محفّزًا لاتّفاق السلام بين إسرائيل والأردن (26.10.1994) ومقدّمة له، بل شرطًا أردنيًّا تنفيذًا لرفض الأردن أيّ حلّ قبل السلام بين إسرائيل والفلسطينيّين لكن اتضح أن اتفاقيّات أوسلو المرحليّة أتاحت لإسرائيل، وبمساعدة عمليّات انتحاريّة وعسكريّة نفّذتها حركة "حماس" التملّص من الاتفاق، وإبقاء الفلسطينيّين وحيدين في الساحة بعد اتفاقيّات مرحليّة خاصّة السلام الإبراهيميّ مع دول الخليج، والمغرب والسودان وتشاد وغيرها، وإذا كان الحال كذلك في مدريد فهو أسوأ آلاف المرّات اليوم، فلا سلطة قائمة ولا توافق فلسطينيّ، ولا تنسيق بين الدول العربيّة، ولا وزن دوليّ لروسيا، ولا رغبة للولايات المتحدة في حل ّالدولتين، خاصّة بعد السابع من أكتوبر، وبالتالي لا مبرّر للفرح العربيّ والفلسطينيّ بمؤتمر وُلد ميتًا، تكمن أهميّته الوحيدة في كون انعقاده تصريحيًّا دون مضمون، خاصّة على ضوء الوضع الحاليّ الذي ابتعدت فيه الدول العربيّة عن القضيّة الفلسطينيّة باستثناء الأردن، ووسط حالة ما زالت قطر تلعب فيها دور الوسيط من جهة ودور الراعي لمصالح حركة "حماس" وفكر الإخوان المسلمين من جهة أخرى، تعمل على اعلاء شأنهم عبر تمويل معاهد الأبحاث العالميّة بمئات ملايين الدولارات، وعبر قناة الجزيرة وصولًا إلى "ربيع عربي" جاء وبالًا على المنطقة، وكل ذلك برضىً أمريكيّ وإغداق للأموال والعطايا القطريّة وصفقات بتريليونات الدولارات تم توقيعها خلال زيارة ترامب وفوقها طائرة خاصّة بقيمة 400 مليون دولار. وهي عطايا قطريّة لا تخفي السؤال الضروريّ، خاصّة على ضوء تركيبة شخصيّة ترامب وإمكانية تغيُّر مواقفه بين ليلة وضحاها، حول ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة، وإلى أيّ حدّ، لقبول استمرار قطر في لعب هذا الدور المزدوج، أي مواصلة دعم التوجّهات الأصوليّة الإسلاميّة من جهة ولعب دور الوسيط وصديق الولايات المتحدة من جهة أخرى، وكلّ ذلك في ظلّ ما صدر من تصريحات عن الدكتور عزمي بشارة المقرّب من الحكومة القطريّة، ورئيس مركز الدوحة للأبحاث، والذي يقيم في قطر منذ غادر إسرائيل كنائب في برلمانها عام 2004، جاء فيها تحذير من أخطار التعاون بين إسرائيل التي تعيش على كنف نشوة القوة، وبين أمريكا ترامب التي تنتهج سياسة تقسِّم العالم إلى أقوياء تساعدهم وضعفاء لا تكترث بهم، وبالتالي سيمكّن الأمر إسرائيل من توسيع سيطرتها في غزة ولبنان وسوريا والضفة الغربيّة وربما الأردن لاحقًا مستفيدة من عدم وجود تنسيق عربيّ حقيقيّ، وهو ما كان محمود عباس قد حذَّر منه عام 1991، معتبرًا أن نجاح مؤتمر مدريد ونتائجه منوطة به.. والواقع اليوم أسوأ.

"ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"
أسئلة كثيرة تثيرها ردود الفعل العربيّة والفلسطينيّة حول مؤتمر ماكرون، ومعظمها من باب "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، فالأسباب الخارجيّة تغيّرت، فموقف أمريكا تغير، ومصالح الشرق الأوسط لا تهمّها، وقضيّة إقامة الدولة الفلسطينيّة لا تشغلها بل بالعكس، أما في إسرائيل فالحكومة التي رفضت مؤتمر مدريد والتي تشكّلت من أحزاب " الليكود" وموليدت برئاسة رحبعام زئيفي الداعي إلى الترانسفير، وهتحيا برئاسة غئولا كوهين، وتسوميت برئاسة رفائيل إيتان، وشاركت فيه مكرهة تعتبر "معتدلة للغاية" مقارنة باليوم والتشكيلة الائتلافيّة اليمينيّة المتطرّفة الحاليّة التي قرّرت مواصلة السير في طريق الرفض لأيّ تفاوض وأيّ حلّ، وتجاهل مواقف صديقاتها الأوروبيّات وحتى مواقف معيّنة للولايات المتحدة، وتدير ظهرها للعالم. أما ما سمّاه حينها محمود عباس، باستمرار إظهار إسرائيل أنها الدولة الصغيرة المحاطة بجو عدائيّ متربّص بها، ينتظر الفرصة المواتية لينقض عليها ويفترسها، وأنها دولة لا ذنب تقترفه سوى أنها واحة الديمقراطيّة في صحراء العالم العربيّ، وبؤرة الحضارة والتقدّم في محيط ينضح بالتخلّف والرجعيّة والأحقاد، فما زال قائمًا ويزداد تأثيرًا بعد السابع من أكتوبر، وما رافقه من صدام مع حركة "حزب الله" الشيعيّة والحوثيين في اليمن وإيران كذلك وفوقهم جميعًا حركة "حماس"، وكذلك ما يحدث في سوريا ، ومن هنا التصريحات الإسرائيليّة أن استمرار الحرب الحاليّة، ورفض أي كيان فلسطينيّ إنما هو دفاع عن العالم المتنوّر والحرّ والليبراليّ أمام قوى الظلام. وأن عدم انتصار إسرائيل يعني تكرار السابع من أكتوبر في أوروبا كلها دون استثناء، وإلى هذا تضاف عوامل وقضايا عديدة انشغال العالم بقضايا أخرى يعتبرها أكثر أهميّة منها الحرب في أوكرانيا والأزمة النوويّة الإيرانيّة والحرب الاقتصاديّة بين الولايات المتحدة والصين وغيرها، وكلها قضايا بدأ تأثيرها يظهر منذ اليوم وقبل انعقاد المؤتمر عبر تغيير سلّم أولوياته والقضايا التي سيتمّ بحثها فيه، ومنها الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة وهي خطوة عمليّة إذا ما تمّت بشكل جماعّي خلاله، لكن عنوانه "التسوية السلميّة للقضيّة الفلسطينيّة وتطبيق حلّ الدولتين" لا يوحي بذلك، خاصّة وأنه يتحدّث عن سبل حلّ القضيّة الفلسطينيّة !!!!! وتطبيق حلّ الدولتين. وهي تعابير لها معناها. وهو بعيد كلّ البعد عن الاعتراف بدولة فلسطينيّة، وكم بالحريّ أنه أضيفت إليه شروط كثيرة تتجاهل عمليًّا الواقع في الضفة الغربيّة والاستيطان فيها، وتتطرّق فقط إلى مخرجات الحرب الحاليّة في غزة، والمتعلّقة بحركة "حماس" فقط دون غيرها، كما أنه عنوان وإن كان العرب والفلسطينيّون قد فرحوا له، إلا أنه يعكس خاصّة إذا ما اقترن بالاعتقاد السائد أن المؤتمر لن ينتهي إلى اعتراف أوروبيّ كامل، أو حتى جزئيّ بالدولة الفلسطينيّة المستقلّة، إدراك الدول الأوروبيّة وبقية المشاركين أن الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة قبل بدء المؤتمر وقبل أيّ مفاوضات سياسيّة بين إسرائيل والفلسطينيّين لا تبدو في الأفق حاليًّا، هو سيف ذو حدين، فالفلسطينيّون يعتبرونه اعترافًا أوروبيًّا فإقامة الدولة الفلسطينيّة المستقلّة هي شرط مسبق وأوّل للمفاوضات، وليس المخرج النهائيّ، أو النتيجة النهائيّة، وتغيير لقواعد اللعبة التي كانت متّبعة حتى الآن، بما معناه وفق التصريحات الفلسطينيّة بداية عهد المحاسبة وانتهاء العهد الذي كانت إسرائيل فيه صاحبة الكلمة الأخيرة بكلّ ما يتعلّق بحلّ القضيّة الفلسطينيّة، بينما تعتبرها إسرائيل مرفوضة بصفتها تقلب الموازين، وتحاول وضع النتائج النهائيّة قبل بداية المفاوضات، خاصّة وأن الحكومة الحالية تحاول عبر سياساتها وتنفيذها على أرض الواقع الإجهاز على حلّ الدولتين عبر إقامة عشرات المستوطنات كما قرّرت الحكومة مؤخّرًا، وجعل الوضع الراهن غير قابل للتغيير ما يعني استحالة حلّ الدولتين، وهو الحال اليوم على أرض الواقع.

خلاصة القول، مؤتمر دوليّ آخر، جاء في ظروف مستحيلة، ولأن باريس أدركت أن ما حصل منذ أكتوبر 2023 يعني وأد الحلّ السياسيّ وولادة الدولة الفلسطينيّة إلى جانب دولة إسرائيل، بشكل نهائيّ وهو الرأي السائد اليوم، ومن هنا جاءت مبادرة ماكرون بالتلويح بالاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، وربط ذلك بالمؤتمر أملًا بإطلاق مسيرة سياسيّة جديدة، لكنه في الوقت ذاته مراهنة خطيرة للغاية قد يؤدّي فشلها إلى جعل أيّ حلّ سياسيّ للقضيّة الفلسطينيّة أمرًا في خانة المستحيل، وصدّ الباب نهائيًّا أمام أيّ تقدّم في ظلّ الحكومة الإسرائيليّة الحاليّة، وتلك التي ستخلفها دون شكّ، ومن هنا فإنه بنتائجه يعني أحد أمرين، الأول وهو الأقلّ احتمالًا حاليًّا، إذعان الحكومة الحاليّة في إسرائيل للمواقف الأوروبيّة خاصّة مع تغيب أمريكا عن المؤتمر، والثاني وهو الأقرب إلى الواقع، إسدال الستار نهائيًّا على أي إمكانيّة للحلّ، لتكتفي فرنسا بشرف المحاولة والمبادرة، ودول العالم والعربيّة منها أيضًا شرف المشاركة، وليبقى الطرف الفلسطينيّ دون كيان ودون حقوق، بانتظار الفرج الذي سيضمنه، أو قد يضمنه، تطبيع إسرائيل سعوديّ تصرّ فيه السعوديّة على إقامة دولة فلسطينيّة، إذا ما تبقت إمكانية لذلك على الأرض، ومهما حدث فنتائج المؤتمر لن تقرّب الحلّ، وميزان القوى العالميّ الحاليّ واضح لكلّ من في رأسه عينان.. ونسأل اليوم متمثّلين ببيت الشعر: "عيد بأي حالٍ عدت يا عيد، بما مضى أم لأمرٍ فيك تجديد"، أم سنقول بعد انتهائه، كما قالت السيدة فيروز: "غاب نهارٌ (مؤتمرٌ) آخر".... وربما الأخير..
وللذكرى إن نفعت الذكرى بأن المؤتمر الوحيد الذي كان بإمكانه أن يقيم الدولة الفلسطينيّة هو مؤتمر القمّة في الخرطوم عام 1967 لو فهم الرؤساء والملوك العرب بأن النكسة يجب أن تفرز الحلّ للشعب الفلسطينيّ، وليس اللاءات الثلاث لا سلام، ولا اعتراف ولا مفاوضات !!!


panet@panet.co.ilاستعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال ملاحظات لـ

إعلانات

إعلانات

اقرأ هذه الاخبار قد تهمك