يوسف أبو جعفر يكتب: حتى نلتقي .. ماذا بعد ؟
أكثر ما يثير المفكرين ولا يشغل بال العامة هو سؤال بسيط في كلماته، عميق في جوهره. ولو تمعّنا في السؤال، لأدركنا للحظة أننا بحاجة إلى التوقف والتفكير جيدًا قبل الإجابة عنه.
يوسف ابو جعفر - صورة شخصية
السؤال ببساطة: ما هي المرحلة أو الخطوة القادمة؟ ولكي لا يشعر أحدكم أن السؤال فلسفي بالمعنى العام، فهو في الحقيقة فلسفي بالمعنى الأخلاقي من الدرجة الأولى، ويشمل كل الأبواب. فالمرحلة القادمة هنا تنطبق على كل نواحي الحياة، وعلى كل المضامين التي نعرفها، وفي كل الاتجاهات.
وإليكم بعض الأمثلة العملية:
ما هي المرحلة القادمة في التطور التكنولوجي بعد الذكاء الاصطناعي؟
ما هي المرحلة القادمة في الحروب، بعد ما شاهدنا الحرب الإيرانية - الإسرائيلية؟
ما هي المرحلة القادمة في الطب؟ في الصناعة؟ في العلاقات المتقطعة بعد وسائل التواصل الاجتماعي؟
كل هذه الأسئلة وغيرها هي مقدمة لفهم السؤال الأساسي.
لهذه الأسئلة اتجاهان: العلو أو الهبوط والانحدار. وقد يكون العلو مرهونًا بالهبوط الأخلاقي، وليس فقط بالعلو العلمي.
مثال على ذلك: قد يزيد الذكاء الاصطناعي من قدراتنا العلمية، ولكن عند غياب أخلاقيات استعماله، يكون الانحدار الحضاري هو النتيجة. قد نتبع طرقًا ممنوعة في استعمال القدرات المهولة في هذا المجال، ونظرة واحدة على الجانب المظلم تؤكد أن غياب الوازع الأخلاقي سيعصف بالمجتمعات دون شك.
وفي العادة، نعرّج على الشرق لنحاول إدراك مشاكلنا. ما هي المرحلة القادمة في العنف المستشري؟ لقد انهدمت الحياة العادية الآمنة في مجتمعنا، وأصبح الخوف والقلق يسيطران على الناس. فماذا ينتظرنا في المرحلة القادمة؟
ماذا ينتظرنا في هذه الدولة في العلاقات الدولية؟ سلام؟ حرب؟ علاقات اليهود بالعرب؟ ماذا بعد سيطرة الغرب على الساحة، ولا متنفس لأحد دون سلطة واشنطن وتل أبيب؟
الأمور هنا، في العادة، تعنينا أكثر من غيرها، لأننا بطبعنا نحب الخوض فيما نعرف. ولذلك، حاولوا الإجابة بكل صدق. خذوا النقب مثالًا يوميًا، ماذا بعد المظاهرات والتكاتف؟
لن أجيب عن السؤال مكان أحد. فمن يقرأ ما أكتب، حريٌّ به أن يسأل ويجيب.
حريٌّ به، من موقعه، أن يطرح أكثر وأكثر من الأسئلة في اختصاصه، وأن يحاول الإجابة؛ فربما عندها يضع لنفسه استراتيجية واضحة المعالم للخروج من المأزق. نعم، فغالبًا ما لا تعود المسألة بالعدل، بل بالنفع على المستفيد، الذي يخطو نحو المرحلة القادمة. أما الضرر، فيقع على المستهلَك في الغالب، ذاك الذي يبقى في حظيرة المتلقي الضعيف.
لا بد لكل واحد منا أن يجيب على سؤال آخر، شخصي: ماذا بعد؟ وما هي المرحلة القادمة في ما يشغل باله؟ نعم، هناك سؤال عام بحاجة إلى إجابة، وهناك سؤال خاص. وصدقوني، دون وجل أو قلق، لا بد من الوقوف بشجاعة وتفكير عميق أمام الثاني، وذلك كي لا نرتكب الحماقات. فعندما يقرّر لنا الآخرون، لا نملك الكثير لتغيير القرار. أما عندما يخصّنا الأمر، فلا نقاش في أنها مسؤوليتنا.
وحتى نلتقي، سأترك النهاية دون إجابات، دون رتوش…
حاولوا أن تجيبوا، فلا مجال للهروب، واختاروا أساليب معارككم مع ما ترونه آتٍ لا محالة.
وأجيبوا بصراحة، دون أن تخبروا أحدًا، أو ربما… برفع صوتكم ليسمع ذلك، ربما يكون خيرًا.
من هنا وهناك
-
‘أن تكون مثقفًا يعني أن تشجّع غيرك وتدعمه‘ - بقلم: رانية مرجية
-
مقال بعنوان : ‘حتى نلتقي – حرب ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
المحامي زكي كمال يكتب: بحثًا عن النصر المطلق في طهران
-
‘تاقت إليك عجافٌ أنت يوسفها‘ - بقلم: الشيخ محمود وتد
-
هل تتعلم الأحزاب العربية من لعنة الانقسام؟ بقلم: رانية مرجية
-
‘ حتى نلتقي – تخطيط قلب ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
مقال: لوس انجلوس تشتغل وترمب يرسل الحرس الوطني ، هل تتمرد كاليفورنيا على الحكومة الفدرالية ؟ بقلم : د. حسين الديك
-
مقال: من يفهم الحقيقة لا يُصاب بخيبة أمل! بقلم : المحامي زكي كمال
-
مقال: أحمد الطيبي .. الطبيب الذي أصرّ أن يبقى قلبه في فلسطين ولسانه في وجه الظالمين - بقلم: رانية مرجية
-
قراءة نقدية لكتاب ‘والي المدينة‘ للكاتب سهيل عيساوي - بقلم: عناق مواسي
أرسل خبرا